رأي ولو خجول .. أفضل من الصمت

بعد رحلة طويلة ومرهقة على النت .. تعرضت خلالها للكثير من سرقة إنتاجي .. قررت اللجوء لتدوينه هنا حفظاً له ولحقوقي . أتمنى من زوّاري الكرام الذين سيُشرّفوني بالزيارة والتصفح والقراءة أن يُسعدوني بالتعقيب .. والنقد .. وترك ما طاب لهم كبصمة مرور . تحياتي ميرفت

الأربعاء، 19 يونيو 2013

عن الحريّة أتحدث ..!!

يحدث كثيراً أن يتمّ الخلط بين مصطلحين حساسين في الحياة العامة والسياسية .

 الحرية .. والتحرّر .!


الحرية هي الحالة التي يكون فيها الفرد مسئولاً عن ( إرادته ) .. وتنتج عنها بالتأكيد المسئولية .

التملّص من المسئولية - وهو ميل فطري لدى الإنسان - أنتج حريةً فوضوية أقرب للبهيمية في بعض المجتمعات التي غاب عنها نضج المفهوم .. وتطبيقه الصحيح .. 

وبهذا دخلت تلك المجتمعات في إلتباس التحرّر ويعني هنا غياب المسئولية عن الإختيار النابع عن الإرادة .

التحرّر ببساطة إذاً هو ( الإنفلات ) من القيود .. وهذه حالة لا نراها حتى في مجتمع الغاب .. فالحيوانات لها قوانينها ولها قواعد العيش ضمن القطيع فيها ..!

وبالتالي .. فمطلب غياب القوانين هو مطلب غير تطبيقي  .. وهو بعيد عن الواقعية التي تنضبط بها الأفراد .. والمجتمعات .

الحرية فطرة هذّبتها الأديان بمجموعةٍ من التعاليم .. سماويةً كانت أو وضعية .. والأديان السماوية بالطبع جعلت الحرية اساساً يُقابله العبودية ( فقط ) لإله .!

وكما الحرية السياسية .. اراها حقاً ( وضعياً ) كفِلته الكثير من القوانين في الدول الديموقراطية يقابله نظام عقوبات رادع تبعاً للمسئولية عن هذا الحق .

ومن هذه القراءة البسيطة نصل لنتيجة أن يجب أن يترافق مع الحرية عنصرين .. أحدهما ( سابق ) وهو الإرادة .. والثاني ( لاحق ) وهو المسئولية .

تأخذنا هذه الرؤية  لـمفهوم العقد الاجتماعي عند جون لوك (JohnLock) (1632-1704م) وهو فيلسوف إنجليزي ليبرالي، ذهب إلى أن الحق في الحياة، والحق في الحرية، والحق في الملكية الشخصية هي أهم الحقوق الطبيعية للإنسان، ويُولد الإنسان بها، ولا يحق لأي إنسان آخر سحبها منه أو الجور عليها؛ ومن ثم فهي ليست موضعاً للجدل أو التفاوض.

ويبدو أن البعض إستمرأ إغفال ( لوك ) للجزء الأهم وهو المسئولية .. أو تبعات هذه الحريّة .. وبدأ مرحلة فوضى فكرية وإجتماعية وسياسية .. ولسان حاله يقول ( لا ) للأنظمة والقوانين والردع أو المحاسبة .


لن تتحرّر المجتمعات إلآ بإكتمال شعور كل فرد فيها بأنه حُرّ .. الحرية تبدأ بفرد وتتسع دائرتها .. تماماً كما نرمي بحجرٍ في بركةٍ ساكنة .

وفي مجتمعاتنا العربية  نحن لا زلنا أسرى للكثير .. أسرى لتقاليدنا .. أسرى لعنصريتنا .. أسرى لطائفيتنا .. وأسرى لرأي الناس فينا .. ووصايتهم علينا بمسميات مختلفة . وطالما بقينا على حالنا أسرى لكل هذا على المستوى الفردي .. فيجب علينا التوقّف عن المُطالبة بالحرية الأكبر .. لأننا عاجزون ..!

الحرية مطلب ضروري ..!

 ولكنها تحتاج أولأً لمناخ وبيئة مناسبين .. تحتاج لوعيٍ بمفهوم وأبعاد وتبعات هذا المطلب .. وتحتاج لضوابط حتى لا يتصاعد ما يحدث الآن في عالمنا العربي من مطالبات بالحرية .. لم تكن المناخات العربية مؤهلة لها .. ولا الفرد العربي بالتأكيد .. وهذا أنتج كل هذه الفوضى .. والعبث .. والقتل .. والدم العربي الذي صبغ أرصفة شوارعنا بدون فهمٍ للأسباب الحقيقية أو إستيعاب لحقيقة ما يحدث .

*
*
*

وقفة أخيرة ..!!

لا تغضبوا يا عرب ولكننا بكل تجرّد لا زلنا نحتاج للكثير قبل أن نستطيع ( إنتزاع )
أو ( إسترداد ) حقنا الطبيعي في الحرية المُنضبطة .. بعيداً عن التحرّر والإنفلات ..
أو الفوضى التي تنتج عن حريةٍ غير مسئولة .. وغير واعية .



ميرفت في 19/6/2013